الأربعاء 24 أبريل 2024
توقيت مصر 08:40 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

لماذا النبي الأعظم في التاريخ؟.. صاحب «الخالدون المائة» يكشف السر

الخالدون المائة

28 عامًا أمضاها الفلكي الأمريكي، مايكل هارت، اليهودي الديانة ليؤلف كتاب "الخالدون المائة"، الذي يضم بين صفحاته مائة شخصية هي الأكثر تأثيرًا عبر التاريخ الإنساني، وعلى رأسهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

لم يكن اختيار "هارت" للنبي على رأس هذه القائمة، إلا لكونه "الشخص الوحيد في التاريخ الذي كان ناجحًا بتفوق في الجانبين الديني والدنيوي".

يقول الكاتب الراحل، أنيس منصور، الذي ترجم الكتاب إلى العربية متحدثًا عن معايير اختيار "هارت" للشخصيات المائة، إن اختياره لشخصياته الخالدة جرى على أسس عدة، من بينها أنه الشخصية يجب أن نكون حقيقية؛ فهناك شخصيات شهيرة وبعيد الأثر، لكن لا أحد يعرف إن كان عاشت أو لم تعش؛ مثل الحكيم الصيني "لاوتسو"، والشاعر الإغريقي "هوميروس"، فلا أحد يعرف إذا كان أمثال هؤلاء حقيقة أم أسطورة، لذلك استبعدهم من تصنيفه.

كما استبعد من هذه الشخصيات "المائة الخالدة"، الشخصيات المجهولة، مثل أول من اخترع النار، وأول من اخترع الكتابة، وأول من اخترع العجلات.

كان اختياره في الأساس قائمًا على أن يكون الشخص عميق الأثر، سواءً كان هذا الأثر طيبًا أو خبيثًا، ولذلك كان لابد أن يختار الزعيم النازي "هتلر"، لأنه كان عبقرية شريرة.

وكذلك كان لابد أن يكون للشخص أثر عالمي، وليس إقليميًا فقط، وهو ما جعله يستبعد القيادات السياسية والدينية المحلية التأثير، كما استبعد الأشخاص الأحياء مهما بلغت قوة تأثيرهم.

كان المعيار الأهم في مقياس "هارت" لاختيار شخصياته العظمى، أن يكون للشخصية أثر عميق متجدد على شعبها وعلى تاريخ الإنسانية.

من هنا، فقد اختياره للرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه استوفى تلك المعايير بشكل متكامل ومثالي أكد عليه "هارت" بقوله: "إن محمدًا هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحًا مطلقًا  على المستوى الديني والدنيوي".

ويرجع "هارت"، اختيار للرسول صلى الله عليه وسلم على رأس قائمة الخالدين في كتابه إلى تميز الرسول الكريم عن الأسماء الأخرى التي وردت في قائمته، فهو قد دعا إلى الإسلام ونشره كواحد من أعظم الديانات، وأصبح قائدًا دينيًا وسياسيًا وعسكريًا، وما زال أثره قويًا متجددًا بعد مضي على 14 قرنًا على وفاته.

يقول صاحب كاتب "الخالدون المائة": أكثر هؤلاء الذين اخترتهم قد ولدوا ونشأوا في مراكز حضارية ومن شعوب متحضرة سياسيًا وفكريًا إلا محمدًا فهو قد ولد سنة 570م في مدينة مكة جنوب شبه الجزيرة العربية، في منطقة متخلفة من العالم القديم بعيدة عن مراكز التجارة والحضارة والثقافة والفن".

وذكر أن "نشأته كانت في ظروف متواضعة وكان لا يقرأ ولا يكتب، ولم يتحسن وضعه المادي إلا في الخامسة والعشرين من عمره عندما تزوج أرملة غنية".

وضع "هارت"، نبي الإسلام في تلك المكانة المتميزة، لأنه صلى الله عليه وسلم استطاع ولأول مرة في التاريخ أن يوحد بين القبائل العربية المتناحرة،  وأن يهديهم بالدعوة إلى الإله الواحد، مؤكدًا أن العرب المؤمنين بالإسلام تمكنوا من القيام بأعظم الغزوات، التي عرفتها البشرية لعرض دعوة الإسلام على العالم، وقد امتدت دولة الإسلام التي أسسها محمد من حدود الهند حتى المحيط الأطلسي.

ويعلق على الأثر الذي خلفه في نفوس المسلمين، قائلاً: "والإسلام مثل كل الديانات الكبرى كان له أثر عميق في حياة المؤمنين به".

وقد اختار صاحب كتاب "الخالدون المائة"، المسيح - عليه السلام – كثالث أهم شخصية عبر التاريخ، بينما اختار موسى – عليه السلام – في المركز السادس عشر من القائمة.

وبرر اختيار المسيح في المرتبة الثالثة، في حين أن عدد المسيحيين ضعف عدد المسلمين، بقوله: "على الرغم من من أن عيسى هو المسؤول عن مبادئ الأخلاق في المسيحية، إلا أن القديس بولس هو الذي أرسى أصول الشريعة المسيحية، وهو أيضًا المسؤول ع كتابة الكثير مما جاء في كتب العهد الجديد".

في حين قال عن نبي الإسلام: "أما الرسول محمد فهو المسؤول الأول والأوحد عن إرساء قواعد الإسلام وأصول الشريعة والسلوك الاجتماعي والأخلاقي وأصول المعاملات بين الناس في حياتهم الدينية والدنيوية، كما أن القرآن الكريم قد نزل عليه وحده وفي القرآن الكريم وجد المسلمون كل ما يحتاجون إليه في دنياهم وآخرتهم".

ويصف "هارت" القرآن الكريم في هذا السياق بقوله: "والقرآن نزل على محمد كاملاً وسجلت آياته وهو ما يزال حيًا، وكان تسجيلاً في منتهى الدقة، فلم يتغير منه حرف، وليس في المسيحية شيء من ذلك، فلا يوجد كتابا واحد محكم دقيق لتعاليم المسيحية يشبه القرآن، وكان أثر القرآن على الناس بالغ العمق، ولذلك كان أثر محمد على الإسلام أكثر وأعمق من الأثر الذي تركه عيسى على الديانة المسيحية".

ويصف العالم الأمريكي، النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كان "قوة جبارة"، بالإضافة لكونه أعظم سياسي عرفه التاريخ، موضحًا أن استعراض التاريخ يكشف أن هناك بعض الأحداث الكثيرة فيه كان من الممكن أن تقع شخصيات أخرى غير الشخصيات التي ارتبطت بها إلا في حالة انتشار الإسلام ووحدة العرب".

ويمضى شارحًا ذلك بقوله: "فمن المستحيل أن يقال ذلك عن البدو وعن العرب عمومًا وعن إمبراطوريتهم الواسعة دون أن يكون هناك محمد، فلم يعرف العالم كله رجلاً بهذه العظمة قبل ذلك، وما كان من الممكن أن تتحقق كل هذه الانتصارات الباهرة بغير زعامته وهدايته وإيمان الجميع به".

ولا يوجد بين الشخصيات المائة التي اختارها "هارت" في كتابه شخصية عربية أو إسلامية أخرى غير النبي، سوى الصحابي عمر بن الخطاب – ثاني الخلفاء الراشدين- الذي يأتي في المركز الحادي والخمسين بالقائمة".

فعلى الرغم من قلة خبرة الكاتب بالثقافة العربية، إلا أنه صنف "الفاروق" ضمن العظماء المائة، واستند في اختياره إلى فترة حكمه التي تمتد إلى 10 سنوات، والفتوحات العظيمة التي تمت في عهده وما تبعها من انتشار للإسلام، ولقيم الخير والعدل التي ساهم في نشرها، كما استند إلى قوة شخصيته وذكائه وأخلاقه الرفيعة وعدله.