السبت 20 أبريل 2024
توقيت مصر 13:05 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

مفاجأة حول هجرة عمر.. تنسف الرواية الشائعة

أرشيفية

قصة هجرة سيدنا عمر بن الخطاب، رضي الله عنه من  أهم قصص الهجرة، التى تربينا عليها وسمعناها من خطباء كثيرين فى المساجد ومن مدرسينا ونحن صغار، وهى القصة التي رواها "ابن عساكر" فى تاريخه، و"ابن الأثير"، عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أنه قال: "ما علمت أن أحدًا من المهاجرين هاجر إلا مختفيًا، إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه وتنكب قوسه وانتضى فى يده أسهمًا واختصر عَنزته، ومضى قبل الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعًا متمكنًا، ثم أتى المقام فصلى متمكنًا، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة وقال لهم: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس – الأنوف –، من أراد أن تثكله أمه ويُيتم ولده ويرمل زوجته، فليلقنى وراء هذا الوادى، قال على: فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين".

لكن هذه الرواية، فيها ما ينافى كثيرا من "المنطق" وكثيرا من "الأحاديث الأخرى" التي تروى القصة الحقيقية لهجرة الفاروق عمر بن الخطاب.

 

فوفقًا لعلماء الحديث، فإن القصة كما وردت لـ "ابن عساكر" و"ابن الأثير" بها 3 أشخاص مجهولون فى السند، حتى الوصول إلى على بن أبى طالب، فالحديث المروى فيه 3 أشخاص لا يعرفهم أحد وهم زبير بن محمد، وشيخه، وأبو شيخه.

ومن المعروف أن الكثير من المنافقين تأولوا على النبي بقصص وروايات لم يقلها النبي صلى الله عليه وسلم، أو صحابته، بل إنهم أدخلوا في هذا الدين مجموعة من الأحاديث الكاذبة والموضوعة، ما استلزم فيما بعد من "التابعين" استحداث علم الحديث، وما فيه من "علم الرجال"، و"علم الجرح والتعديل"، للتدقيق فى الروايات المنتشرة عن النبى صلى الله عليه وسلم والتأكد من صحتها، عبر طرق كثيرة ومعقدة.

فالرواية السابقة، التي تقلد فيها عمر بن الخطاب سيفه وجاهر في الهجرة قصة لا أساس لها ولم تحدث رغم شهرتها الكبيرة..

أما الرواية الحقيقية التي حدثت بالفعل، ولكنها لم تشتهر ولم تأخذ نصيبها من معرفة الناس إياها فهاهي:

وفى مقابل هناك رواية أخرى جاءت عن طريق "ابن إسحاق" وصنفها العلماء بـ"الصحيحة"، عن هجرة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وهو ما نشره "ابن إسحاق" الذى قال: عن عبد الله عن أبيه عمر رضى الله عنهما قال: "أردنا الهجرة إلى المدينة أنا وعياش بن أبى ربيعة وهشام بن العاص، اتفقنا على اللقاء عند "التناضب"، وهو موقع قرب مكة، وقلنا: أينا لم يصبح عندها فقد حبس فليمض صاحباه، فأصبحت أنا وعياش عند التناضب، وحبس عنا هشام، وفتن فافتتن".

إذن هاجر عمر بن الخطاب هو وعياش وحدهما وتركا صاحبيهما هشام، وذلك لم يكن إلا سرًا، وبعدها نزلت هذه الآية الكريمة: {قل يا عبادى الذى أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا }، كتبها عمر وأرسل بها إلى هشام بن العاص (الذى تركه أثناء الهجرة سرًا بمكة)، فوجد صعوبة فى فهمها، فدعا الله أن يفهمه إياها، فألقى الله فى قلبه أنها نزلت فى أمثاله، فلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة.