الجمعة 29 مارس 2024
توقيت مصر 11:06 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

أعمدة الإنارة تخطف أرواح المصريين.. من المنقذ؟

أعمدة الإنارة

ضحايا الصعق.. شاب.. عروس.. شيخ.. حمار.. والغالبية من أطفال

الكهرباء: التنمية المحلية هى المسئولة.. والأخيرة ترد: المسئولية موزعة بين الوزارتين

مبادرات فى القرى لتغطية الأعمدة لحماية أرواح الأهالى.. ومهندس كهربائى: لا جدوى لها

خطفت أعمدة الإنارة، أرواح العديد من المصريين بالتزامن مع الأمطار الغزيرة التي تعرضت لها مصر خلال الشهر الماضي، وأدت إلى سقوط 17 شخصًا معظمهم من الأطفال، ما ينذر بكارثة، إن لم تتحرك الجهات ومعالجة الأمر، خاصة وأن الأمطار سقطت في أربع محافظات فقط وهى الأولى في الموسم.

ففي محافظة الشرقية، لقيت الطفلة مروة صادق (9 سنوات)، مصرعها لملامستها عمود كهرباء بالقرب من مسكن أسرتها، ولقي طفل مصرعه للسبب ذاته بمركز ديرب نجم.

وفى الغربية،  لقي طفل مصرعه بقرية "سملا"، التابعة لمركز قطور صعقًا، كما لقي شخص آخر مصرعه متأثرًا بالصعق الكهربائي، بقرية القنى التابعة لمركز مطوبس، بعد ملامسته عمود إنارة.

ولقيت طالبة بالصف السادس الابتدائي من سكان قرية قصر بغداد التابعة لمركز كفر الزيات، مصرعها صعقًا بالكهرباء لنفس السبب.

لم يقتصر الأمر على الأطفال، فقد لقي محمود محمد شاهين (22 عامًا) مهندس، مصرعه أثناء عبوره بجوار عمود إنارة أثناء هطول الأمطار بمحافظة الدقهلية.

وفى البحيرة، لقي لطفى عبدالجواد أبوالخير (37سنة) مصرعه، صعقًا بالكهرباء أمام منزله بسبب مياه الأمطار بقرية حفص الكوم الأخضر مركز حوش عيسى. كما لقيت عروس مصرعها إثر إصابتها بصعق كهربائى أثناء ملامستها عمود إنارة بجوار منزلها بإحدى قرى مركز الدلنجات .

وفى كفر الشيخ، توفى إبراهيم رزق عزيز، الطالب بالصف الثانى الإعدادى بمدرسة كمال الشاذلى التابعة لإدارة مطوبس التعليمية، بعد تعرضه لحادث صعق كهربائي، أثناء ركوبه على ظهر حمار، ما أدى لوفاته على الفور.

وهذه هى الوفاة الرابعة فى كفر الشيخ بسبب الصعق بعد وفاة 3أشخاص، اثنان منهما كانا فى طريقهما للعمل. وتسببت الأمطار على مدينة دكرنس بمحافظة الدقهلية، فى نفوق حمار صعقًا من عمود إنارة عامة، بينما نجا صاحبه من الموت، والذى تمكن من الابتعاد.

الكهرباء والتنمية المحلية: "مش تبعنا"!

ومع تزايد أعداد الضحايا الذين لقوا مصرعهم بسبب ملامستهم لأعمدة الإنارة، يبرز التساؤل حول الجهة المسئولة عن ذلك.

وقال الدكتور أيمن حمزة، المتحدث باسم وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، إن وزارة التنمية المحلية هي المسئولة عن صيانة وتشغيل أعمدة الإنارة.

وأضاف لـ"المصريون": "السبب الرئيسي لمثل هذه الحوادث هي الوصلات الكهربية غير المشروعة، التي لا يتم عزلها بشكل جيد، إلى جانب التوصيل العشوائي من بعض المواطنين".

وتابع: "الوزارة تعاملت مع الحالة غير المستقرة للطقس، بشكل جيد، حيث رفعت حالة الطوارئ بجميع قطاعاتها لتجنب أي انقطاع في التيار، وكذلك تأمين المهمات الكهربائية وعزلها لتجنب حوادث الصعق".

وطالب المتحدث باسم وزارة الكهرباء، المواطنين بالاتصال بالخط الساخن 121 في حالة وجود أي عمود مٌكهرب أو غير معزول أو لديه مشكلة فى الإنارة وسيتم تحويل البلاغ للجهة المختصة.

وحول الخطة المستقبلية لعدم تكرار الأزمة، قال المتحدث، إن "الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء، شدد على جميع رؤساء الشركات بضرورة مراجعة المهمات الكهربائية وعزل الأكشاك والكابلات حفاظًا على أرواح المواطنين وخاصة في المدن الساحلية التي تشهد أمطارًا غزيرة، كما أن هناك تعاونًا مع وزارة التنمية المحلية لإجراء الصيانة للأعمدة، لتفادى أية مشاكل بسبب سوء الأحوال الجوية".

على الجانب الآخر، رفض الدكتور خالد قاسم، المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية، تحميل الوزارة المسئولية، وقال إن شركات الكهرباء بالمحافظات هي المسئولة عن تركيب الأعمدة وتوريدها ضمن ميزانية المحافظات.

وأضاف، أن "دور المحافظات هو التنسيق بين الأجهزة والشركات"، وضرب مثلاً بما حدث فى أزمة الأمطار بالقاهرة الكبرى حيث تم التنسيق بين شركة المياه والمحافظة لحل الأزمة، وكذلك الأمر مع شركة الكهرباء.

وأكد قاسم، أن "الوزارة تصدر تعليمات إلى المحافظات المختلفة، للقيام بالصيانة اللازمة لأعمدة الإنارة، حفاظًا على أرواح المواطنين"، لافتًا إلى أن كل محافظة تتبع شركة توزيع كهرباء تكون هى المسئولة عن أعمال صيانة الكهرباء، وفصل الكهرباء فى الأزمات والطوارئ .

واستنكر قاسم، تنصل شركة الكهرباء من المسئولية تجاه الأزمة الأخيرة، وقال إن "المسئولية تضامنية بين الوزارتين وكان من الأحرى تضافر كافة الجهود والجهات".

في غضون ذلك، تقدمت النائبة فايقة فهيم، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة موجه لرئيس مجلس الوزراء، ووزيرى الكهرباء والتنمية المحلية، بشأن انتشار حوادث الصعق بالكهرباء، بسبب أعمدة الإنارة وعدم تدخل الجهات المعنية.

وقالت إنه "انتشرت خلال الفترة الماضية العديد من حوادث الصعق للمواطنين، بسبب أعمدة الكهرباء نتيجة السيول التي شهدتها بعض المحافظات".

وأشارت إلى أن "هذه الحوادث ليست بجديدة على فصل الشتاء، إلا أن الحكومة وجهاتها المعنية لم تتعظ بما حصل في العام الماضي، وفقدت العديد من الأرواح، معظمهم من الأطفال بسبب تعرضهم للصعق من أعمدة الإنارة، بجانب حوادث قتل الماشية".

وطالبت، الجهات المعنية (وزارتى الكهرباء والتنمية المحلية) باتخاذ ما يلزم للتعامل مع كهربة أعمدة الإنارة، والعمل على حل ذلك فى أسرع وقت، حرصًا على حياة المواطنين، بجانب تفعيل خط للشكاوى السريعة وتوجيه حملات للصيانة الفورية، وأيضًا تكليف مسئولى وزارة الكهرباء بالتفتيش الدورى على أعمدة الإنارة.

مبادرات شعبية.. تغليف الأعمدة للحفاظ على الأرواح!

مع تكرار حوادث الصعق بين المواطنين نتيجة ملامسة أعمدة الإنارة خلال الأمطار الأخيرة، انطلقت مبادرات شعبية بالعديد من المحافظات لإنقاذ أرواح المصريين، خاصة الأطفال، أثناء تساقط الأمطار، عبر بتغليف أعمدة الإنارة بالبلاستيك اللاصق، حيث بادر العديد من الأهالي إلى ذلك لتدارك الخطر الناجم عن الاقتراب من أعمدة الإنارة وقت سقوط الأمطار.

وانتشرت صور تظهر مبادرات من هذا النوع على مستوى العديد من المناطق بالمحافظات، منها قرية الدلنجمون بالغربية، وطلحة بالقليوبية وشارع مراد والبحر الأعظم بالجيزة، وشوارع التليفزيون بالأقصر، حيث تم تغليف الأعمدة بالبلاستيك، بجهود ذاتية من الأهالى للحفاظ على أرواح أبنائهم .

كما كلف الدكتور ممدوح غراب محافظ الشرقية، الأحياء والمراكز والمدن بتغليف أعمدة الإنارة بالبلاستيك لتجنب حوادث الصعق.

ولاقت الفكرة إعجاب الدكتورة إلهام درويش، رئيس قطاعات شبكات الجيزة، التابعة لشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء. وقالت في تصريحات، إنه من المفترض أن تقوم المحليات وأجهزة المدن بصيانة ومتابعة أعمدة الإنارة، التي تتبع المحليات ولا تتبع الكهرباء .

ووجه صابر هاشم، مهندس كهربائى، عدة نصائح لتحقيق الهدف المطلوب من عزل أعمدة الإنارة، حيث نصح بـ "عزل العمود مسافة نصف متر تحت العمود، لأن المياه المحيطة ستكون بها مس كهربى، وكذلك فك العمود وعزله بطريقة صحيحة، بالإضافة إلى إبلاغ شركة الكهرباء على الفور قبل التعامل مع العمود".

وقال هاشم، إن المشكلة الكبرى فى سرقة الكهرباء "بيشيل العزل من على الكبل فالكبل بيلمس جسم العمود، حط زى ما تحط هو مكهرب"، لذا تلك الحيل التى يلجأ إليها المواطنون غير مجدية، وفق تعبيره.