الخميس 18 أبريل 2024
توقيت مصر 23:29 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

استنفار رئاسى للحد من الطلاق

تعبيرية

حالة طلاق فى مصر كل 4 دقائق.. وحملات للتوعية بتعليمات رئاسية

«الأطفال» ضحايا بالملايين.. والأهالى: ودن من طين والأخرى من عجين

«خضر»: أطفال الشوارع نتاج لظاهرة الطلاق.. وكريمة»: الإسلام شدد على حقوق الزوجة والأبناء.. و«الجندى»: الوعى الدينى يحل المشكلة

الطلاق في مصر باتت القنبلة التي يخشى الجميع من انعكاساتها الخطرة على المجتمع، مع استمرار الظاهرة في الارتفاع عامًا بعد آخر، الأمر الذي دفع الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى إطلاق مشروع جديد يستهدف التصدي لها، والحد من آثارها المدمرة، بعد تحذيره في أكثر من مناسبة من خطر الطلاق على بنية المجتمع.

وتظهر الإحصاءات حول نسبة الطلاق في مصر، أن هناك حالة طلاق جديدة تقع كل 4 دقائق،  وهو ما يترتب عليه ارتفاع عدد أطفال الشوارع ونسب الجرائم، حيث يظل دائمًا الأطفال هم الضحايا لقرارات الانفصال بين الأزواج، بعد أن يتجه كلا الزوجين إلى حال سبيله، غير مبال بانعكاسات القرار بهدم أسرة على الأولاد، وخاصة إذا كانوا في مرحلة عمرية صغيرة.

وسارعت العديد من الجهات الرسمية بالدولة إلى التحرك، عبر إطلاق مبادرات استباقية، تهدف إلى نشر الثقافة والوعي بين الشباب والفتيات المقبلين على الزواج، في محاولة للحد من نسبة الطلاق المتزايدة.

حملة "مودة"

وأعلنت وزارة التضامن الاجتماعي عن إطلاق المشروع القومي لتوعية الشباب المقبلين على الزواج "مودة"، والذي تم بدء التخطيط له والعمل به فور تكليف الرئيس عبدالفتاح السيسى للوزارة خلال المؤتمر السادس للشباب بجامعة القاهرة؛ للحد من الارتفاع المطرد في أعداد حالات الطلاق في المجتمع المصري.

وقال ممدوح ناجح، منسق مشروع "مودة" للحفاظ على كيان الأسرة، إن المشروع أطلقه الرئيس السيسى وكلف به وزيرة التضامن الاجتماعى خلال منتدى الشباب السادس للحد من ظاهرة الطلاق فى المجتمع.

وأضاف: "العمل في المشروع يتم من خلال شراكة بين وزارة التضامن وصندوق الأمم المتحدة للسكان والتنمية ووزارات التعليم العالي والدفاع والعدل والداخلية لدعم كيان الأسرة المصرية".

وأشار إلى أنه تم العمل مع الشباب المقبلين على الزواج من سن 18 وحتى 25 عامًا، وإجراء تدريب بـ5 جامعات بالمحافظات الثلاث الأعلى في نسب الطلاق وهي: "القاهرة، والإسكندرية، وبورسعيد"، خضع له 20770 ألف طالب خلال العام الدراسي الماضي، ومع بداية العام الدراسي الجديد تم تعميم المشروع على مستوى الـ26 جامعة بجميع المحافظات.

حملات أزهرية لمواجهة الطلاق

كما عني الأزهر بمواجهة ظاهرة الطلاق من خلال إطلاق حملة "وعاشروهن بالمعروف" في سبتمبر 2018، شهور من حملة أولى بعنوان "لمّ الشمل"، لمواجهة الظاهرة التي جعلت الرئيس عبدالفتاح السيسي يقترح عدم الاعتداد بالطلاق الشفهي، وهو ما قوبل برفض هيئة كبار العلماء بالأزهر.

و"لم الشمل" هي وحدة متخصصة أنشأها مركز الأزهر العالمي لرصد أسباب الطلاق في المجتمع، ووضع الخطط المناسبة لعلاجها، والنزول إلى أرض الواقع وعلاج المشكلات معالجة واقعية، والإصلاح بين العائلات والأزواج.

وأُنشئت هذه الوحدة تحت رعاية الدكتور أحمد الطيّب شيخ الأزهر، ومن أبرز أهدافها، الوقوف على آخر الإحصائيات لمعرفة حجم المشكلة، والتعرف على أسباب انتشار ظاهرة الطلاق.

وقال الدكتور أسامة هاشم الحديدي، المدير التنفيذي لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن المركز يستقبل اتصالات السائلين، إذ أن قسم الأحوال الشخصية يستحوذ على النسبة الأكبر من التساؤلات عن الطلاق التي تصل نسبتها إلى 60%، موضحًا أن القسم يحل الأزمات المجتمعية وليس مجرد الرد، كما زار المركز 3500 أسرة في مختلف المحافظات للتعريف بالبرنامج.

دورات إجبارية بالكنيسة

كما لم تتأخر الكنيسة عن إصدار قرار للمجمع المقدس للكنيسة، برئاسة البابا تواضروس في عام 2017، قرارًا إجباريًا يقتضى بربط تصاريح الزواج الكنسي باجتياز دورة تدريبية، تعطيها الكنيسة للشباب المقبل على الزواج، إضافةً إلى الكشف الطبي العام، الذي يجريه المقبلون على الزواج للتأكد من الصحة العامة والقدرة على الإنجاب، كشرط لاستخراج شهادة "خلو الموانع" للشباب القبطي.

وقال القس بولس حليم، المتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في بيان، إن "كورسات" المقبلين على الزواج كانت اختيارية، لكن المجمع المقدس بالكنيسة أقر بأن تكون "إلزامية"، على أن يكون بكل إيبارشية مركز للمشورة تعطى فيه هذه الدورات.

وأضاف أن "الكنيسة قامت بعمل دراسات عدة حول الأسر المسيحية، ووجدت أن المشاكل الأسرية زادت كثيرًا، وهو ما جعل دورات قبل الزواج ملحة، وصدر قرار بجعلها إلزامية للشباب المقبل على الزواج".

القاهرة الأعلى في الطلاق

وفى يوليو الماضي، كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن معدلات الطلاق ارتفعت في مصر العام الماضي مقارنة بالعام السابق، وكانت أعلاها في القاهرة.

وبلغ عدد شهادات الطلاق 211 ألفًا، و554 شهادة عام 2018 مقابل 198 ألفًا و269 شهادة عام 2017، بنسبة زيادة بلغت 6.7 في المائة، وقد ارتفع معدل الطلاق من 2.1 لكل ألف من السكان عام 2017 إلى 2.2 لكل ألف من السكان عام 2018، وسجل أعلى معدل للطلاق في القاهرة 4.3 في الألف، بينما كان المعدل الأقل في أسيوط والمنيا بنسبة 1 في الألف.

فيما أشارت الإحصائية أيضًا إلى أن عدد عقود الزواج على مستوى الجمهورية بلغ 887315 عقدًا عام 2018 مقابل 912606 عقود عام 2017، وقد انخفض معدل الزواج من 9.6 لكل ألف من السكان عام 2017 إلى 9.1 لكل ألف من السكان عام 2018.

وعلى الرغم من التزايد المخيف في نسبة الطلاق في مصر، إلا أن المركز الإعلامي لمجلس الوزراء نفى ما تردد مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تصدر مصر قائمة الدول الأكثر طلاقًا في العالم، قائلاً إنه وفقًا للبيانات المتاحة خلال عام 2017 بالكتاب الإحصائي السنوي للسكان الصادر عن الأمم المتحدة، يتضح أن مصر ليست في قائمة الدول الأعلى في نسب الطلاق.

كما أن معدل الطلاق بمصر البالغ 2.1 حالة لكل ألف من السكان، وفق آخر الإحصائيات هو من المعدلات العادية بين دول العالم، حيث جاءت الدول الأعلى فى معدلات الطلاق كالآتي: دولة جوام بمعدل طلاق 4.2 لكل ألف، تليها بيلاروسيا بمعدل 3.4، تليها دولة لاتفيا بمعدل 3.1 تليها دولة كازاخستان ودولة ليتوانيا بمعدل 3 تليها دولة كوبا بمعدل 2.9 تليها دولة جورجيا بمعدل 2.7 تليها دول الدنمارك وسان مارينو وكوستاريكا بمعدل 2.6.

الظروف الاقتصادية

وتتباين تفسيرات الخبراء حول ظاهرة الطلاق في مصر، إلا أنه يكاد يكون من المتفق عليه بين الكثيرين هو تزايد ضغوط الحياة، وتكرار المشكلات الحياتية المرتبطة بصعوبات توفير المتطلبات الأساسية لكثير من الأسر المصرية.

وقالت الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن ارتفاع معدلات الطلاق في مصر يرجع إلى غياب الشعور بالمسئولية من الزوجين، والظروف الاقتصادية الصعبة وغياب الوعي المجتمعي والإعلامي، فضلاً عن وسائل التواصل والألعاب الإلكترونية التي لها دور كبير في انتشار ظاهرة الطلاق.

وأضافت لـ"المصريون": "أكبر الكوارث التي يخلفها الطلاق تقع على الأطفال، حيث يتشتت الأبناء ويضيع مستقبلهم بين أم وأب غير متفاهمين، وأحيانًا يصل الأمر إلى ترك الأطفال في "بير السلم"، في إشارة إلى الواقعة التي أثارت جدلاً واسعًا في مصر مؤخرًا، بعد أن تخلى الشعبي شادي الأمير وطليقته عن أطفالهما على سلم بيته انتقامًا منه.

واعتبرت خضر، أن "أطفال الشوارع" هم المثال الحي الذي يجسد مشكلة الطلاق في مصر، بالإضافة إلى سوء المعاملة والعنف الجسدي، الذي يترتب على هدم الأسر نتيجة الطلاق، وتولى أشخاص غير آمنين المسئولية عن الطفل، بعد زواج الأب أو الأم، معلقة: "الأطفال هم اللى بيدفعوا الثمن دايمًا".

ورأت الخبيرة الاجتماعية، أن "مشكلة الطلاق وتفشيها في المجتمع المصري خلال السنوات الأخيرة، يمكن معالجتها بالتوعية الدينية والمجتمعية على جميع الأصعدة، عبر المساجد والكنائس ومراكز الشباب والجامعات، والفضائيات والإذاعات"، مشددة على ضرورة تكاتف جميع أجهزة الدولة وعلى رأسها الأزهر وعلماؤه في مواجهة الظاهرة.

ميثاق غليظ

من جهته، قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن "الدين الإسلامي شدد على الحقوق المترتبة على الطلاق، وهو ما يؤكد لنا قيمة هذا الميثاق الغليظ ألا وهو الزواج".

وأضاف: "الإسلام نهى عن ظلم الزوجة والأبناء وأوصى بهم خيرًا، كما جاء في القرآنية الكريمة: "وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ? وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا ? وَمَن يَفْعَلْ ذَ?لِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ".

وتابع "كريمة" لـ"المصريون": "الأولاد هم زينة الحياة الدنيا، وسوف نحاسب عليهم، ونحن من نستطيع أن نحمى المجتمع من مخاطر أطفال الشوارع وغيرها التي تنتج عن الانفصال وتشتت الأسرة، التي هي نواة المجتمع".

ونصح أستاذ الشريعة الإسلامية، الآباء والأمهات بالتريث في اتخاذ قرار الطلاق، واللجوء إلى أهل العلم والشورى أو الحكماء من العائلتين للدخول بينهما، مشيرًا إلى أن مؤسسة الأزهر فاتحة ذراعيها لكل من يرغب.

مقترح برلماني

وفى الشهر الماضي، وافقت لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب على مقترح مقدم من النائب محمد أحمد فؤاد بإلزام المقبلين على الزواج بحضور دورة تأهيلية للزواج، لتوعية الشباب بقيمة الزواج وتجنب ما يترتب على الطلاق من مشكلات.

وقال اللواء شكرى الجندي، وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب، إن "نشر الوعى الدينى فى المجتمع والرحمة وإبراز المودة فى التعاملات من شأنه أن يؤدي إلى تقليل نسب الطلاق فى مصر"، لافتًا إلى أن "نشر الثقافة فى صحيح المعاملة، والعودة إلى تعاليم الدين الإسلامى هما الأساس السليم لحياة زوجية سعيدة".

وأضاف لـ"المصريون": "يجب على الأزهر ووزارتى الأوقاف والثقافة وجميع الوزارات المختصة أن يكون لها دور فعال فى حل المشكلة، التى أصبحت خطرًا يحيط بالمجتمع".