الثلاثاء 16 أبريل 2024
توقيت مصر 22:18 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

سينما "أونطا" هاتوا فلوسنا!

في عام 2010 دعت شركة (كلينك ستديو) بالتّعاون مع فضائيّة "روتانا"، أشهر مدرّب لكتابة السّيناريو في العالم، السّيناريست الأمريكيّ (سيد فيلد)، لتنظيم ورشة سيناريو لـ (15) سيناريست مصريًّا محترفًا.
تكالبت على (فيلد) آنذاك صحف وفضائيّات مصريّة، كلٌّ أجرى معه حوارًا، وقد صدم الرّجلُ بصراحته المصريّين، الذين لا يعرفون من هذا الفنّ إلاّ ما يقدّمه لهم المنتج المحليّ من سينما "متخلّفة عقليًّا".
كشف (فيلد) عن أنّه لم يشاهد عبر عمره الطّويل إلاّ ثلاث أفلام مصريّة فقط، أضعفها بوجهة نظره فيلم (عمارة يعقوبيان)!
الصّدمة الكبرى أنّ (فيلد) عندما سُئِل عن رأيه في أفلام يوسف شاهين ويسري نصر الله .. قال بلا تردّد: "لا أعرفهما"!
وعندما سُئِل: هل شاهدت أيًّا من أفلام المخرج مصطفى العقاد؟
أجاب: لم أسمع عنه من قبل، ولم أشاهد أيًّا من أفلامه، ولأوّل مرّة أعلم أنّه كان يقيم في الولايات المتّحدة، وأنتج وأخرج عددًا من الأفلام!
هذا ما قاله أشهر كاتب سيناريست في العالم، عن أكبر رمزين في السّينما المصريّة "يوسف شاهين" والعربيّة "مصطفى العقاد"، فماذا سيكون رأيه إذا سُئِل عن عادل إمام والفنانين "الكبار" مثل: محمود ياسين، ونور الشريف، ومحمود عبد العزيز، وفاروق الفيشاوي، ونجمات مصر الأول: نبيلة عبيد، ونادية الجندي، ويسرى، وإلهام شاهين، وليلى علوي، و فيفي عبده، وغيرهنّ؟!
والحال أنّ الإعلام المصريّ، والعربيّ عمومًا، ما انفكّ يمارس لعبة صناعة النّجوم، وفق معايير ليس لها أيّة علاقة بالمهنيّة والحرفيّة السّينمائيّة، فيما بات أكثر من 90% من المادّة الإعلاميّة العربيّة والمصريّة على وجه الخصوص، مشغولة بحياة الممثّلين وأعمالهم، على النّحو الذي يجعل المشاهد، يتوقّع أنّ العالم كلّه مشغول بالسّينما والفنّ المصريّ، وأنّه لا يوجد بيت في قارّات العالم الخمس، إلاّ وقد زُيّنت جدرانه بصور عمرو دياب ومصطفى قمر، وعادل إمام ومحمد هنيدي، وغادة عبد الرازق ونادية الجندي، وكلّ من مثّل علينا دور "الفنّان العالميّ" الذي باتت أدواره تُدرّس في المعاهد والجامعات المتخصّصة في الفنون السّينمائيّة!
والحال أنّ السّينما المصريّة والفنّانين المصريّين مجهولة على المستوى العالميّ، ولا يعرف الوسط الفنيّ الدّوليّ عنها شيئًا، وقد أصابها من التخلّف ما أصاب قطاعات أخرى كثيرة، وليس لها أيّة قيمة فنّيّة ولا إنسانيّة، إلاّ بقدر ما يُخطّط لها من صخب إعلاميّ، في إعلام لا يقلّ عنها تخلّفًا، يميل إلى عمل "الحواة" والشّعوذة ليسحر أعين النّاس، ويصنع لهم من "الفسيخ" شربات كما يقول المصريّون!!
شهادة كاتب السّيناريست الأمريكيّ الكبير (سيد فيلد) شهادة حقيقيّة ليس فيها أي تكلّف أو قصد الإساءة لمصر ولنجومها "الكبار"، ومع تقدير البعض لعطاء مخرج بوزن وحجم يوسف شاهين، إلاّ أنّه يظل منتجًا محلّيًّا مسكونًا بـ"عقدة الخواجة".. وظلّ على حاله عند حدود "الإتباع" لا "الإبداع" .. فلم تعرفه الأسواق العالميّة، بقدر معرفتها بأقرانه الإيرانيّين مثلاً الذين أبدعوا من داخل تراثهم الاجتماعيّ بلا تجميل أو تزوير أو تقليد للغرب، ليكتشف العالم "إنسانيّته".. فالغرب لا يريد أن يرى صورته في نسختها العربيّة (كما هو الحال في السّينما المصريّة اليوم)، وهذه هي الحقيقة التي لا يزال الفنّانون المصريّون، تأخذهم العزّة بالإثم حيالها.