الخميس 28 مارس 2024
توقيت مصر 12:40 م
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

العرب و(نظرية الـــ ولاحاجة)!

محمد الخضيري
السلوك التنافسي البغيض، يسقط معايير الإتقان، ويجعل صوت المال هو الأعلى، وتصبح مسألة الإرتقاء بأدوات خارجية هي السبيل الأمثل بين أطراف لم تصل لمرحلة النضج الكامل لفهم الحالة العامة للكرة الأرضية الملتهبة، والتي امتلئت بالتحالفات غير المعلنة بين الدول بتنوعها العقائدي والأيدولوجي،  أما نحن فمنشغلون بالتنافس في تأليف الأغاني ذات الصوت المرتفع، والإهتمام بكل ما هو "ناعم وطري"، بينما يجهز الأعداء العدة بالأسلحة الفتاكة ذات الصوت المنخفض، ويتصدرون صناعة "الطائرات الدرون – بدون طيار" في العالم، وتتصارع بقية الأمم بالإبتكارات والإختراعات، وتسود روح المنافسة في أشياء تستحق المنافسة الحقيقية، وتمنح الأسبقية الواقعية بتقييم صادق ومنطقي، أما في  العالم العربي فالكل يتنافس على (الــ ولاحاجة)، بدون هوية واضحة وليس لدينا وجهة نظر تناسب تاريخ الأمة وتطلعاتها المفترضة والطبائع القديمة لشعوبها، حتى أن الشعوب نفسها تكتسب هذه السمات الآن وتتعامل فيما بينها بنفس صفات صناع القرار.
العالم العربي يبحث عن الصدارة وهذا شىء رائع، ولكنه يتم دون مؤهلات تتماشى مع قدرات المنافسين والدول المتقدمة، ولذلك تستعر حرب تكسير العظام بين الأحباب والأشقاء الموحدين بالله  ويصبح التحايل على الواقع ديدن تعاملهم بنفس الطريقة كما في حالة الأفراد، ثم يكتمل المشهد الهزلي بالدخول في مرحلة صراع إعلامي متبادل.
والحقيقة أن المشاكل التي تحدث بين الدول العربية ممتلئة بالأسرار التي لا يمكن كشفها، وأبرزها وجود طرف يصعد ويرتقي ولكنه يسحب "السلم" معه لأعلى ويترك أقرانه، ولا يسمح لغيره بالصعود وهو ما يجعل دول أخرى تتحرج من الإعلان عن ذلك، فثمة كيانات صغيرة تفرق بين الأخوة وتصنع الغل ومنهم من يدقق في العقل الداخلي للدول ويمنح العدو معلومات حساسة عن نقاط ضعف الدولة الفلانية ونقاط قوتها ومما يخافون، حتى تحدث عمليات الإبتزاز الكبرى في  الإقتصاد والسياسة، فمثلاً أرى خطورة كبيرة للسماح للشركات التي تهتم بالأنظمة السحابية ونظم الحماية للبنوك والتي يسمح لها بالتعرف على أدق الأسرار في دول عربية، والتغلغل المطلق حتى أصبح لهم نفوذ يفوق نفوذ قادة هذه الدول، وقد يكونوا الأكثر فاعلية في تحريك سياسات المنطقة:
هناك طريقان لا ثالث لهما، يدفعان للتخلي عن فكرة "معركة الــ ولاحاجة" ، والسعي نحو التآلف مجدداً.
الطريق الأول: التوقف عن صناعة الأعداء وتنظيف بيئة الشكوك.
الطريق الثاني: ميثاق شرف له معايير،ليصبح إطار للعلاقات البينيـة بين المتخاصمين.
 وكذلك هناك خمسة مبادىء مهمة يمكن الإلتزام بها للتخلص من ثقافة (الــ ولاحاجة)، ويمكن استخدامها لتحقيق التواصل بين المتخاصمين سواء في الجوانب السياسية أو المجتمعية أو بين الكيانات المختلفة:_
"ورقة بناء الثقة" تتضمن كل البنود التي تضبط زوايا السياسات الداخلية والخارجية المرتبطة بالعلاقات بين الأطراف.
سياسات لمراقبة الإعلام عبر غرفة مشتركة "لكف الأذى".
تكوين لجان اقتصادية مشتركة (غير رسمية) على أن تلتزم بآلية زمنية محددة للإجتماعات وتنفيذ التوصيات.
إنشاء "قائمة رمادية" للأشخاص والكيانات المؤججة للفتن والخلافات ووضع آلية للتعاطي معها.
إنشاء "خارطة طريق" يعد لها خلال عامين، وتهدف لخلق بيئة انحياز "للأفكار المشتركة" وتضع الإطار المناسب لسياسات مشتركة غير معلنة وطويلة الأجل.