الجمعة 19 أبريل 2024
توقيت مصر 10:23 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

السلطان قابوس الحكيم

يحيى العباسي
لا يرجى من أي حاكم إلا الحكمة، فهي صفة جامعة، كما أنها صفة حاكمة، فالرجل المعلق في رقبته ملايين البشر: عدلا و ظلما، رغدا و فقرا، سلما و حربا، ليس مطلوبا منه إلا المحافظة عليهم.
و لا أجد لكلمة حكيم في عصرنا بلا منازع مجسدة في شخص كالسلطان الراحل قابوس بن سعيد. فإذا نظرت إلى السلطان الراحل وجدته حكمة خلق لها السلطان قابوس.
رجل عاش لأمته، فكان نعم الرجل، أخبرني من زار السلطنة ، أن دائما ما تجد جديدا و جميلا كلما زرت سلطنة عمان، فإذا علمت أن هذا الشعب من أفضل شعوب الأرض أخلاقا، و أعرقهم نسبا و حسبا. شعب توارث الحكمة كما توارث الأنساب. فليس السلطان قابوس الحكيم إلا امتداد طبيعي لشعب هذه أخلاقه.
حكم السلطان خمسين عاما، لم يدخل نفسه و شعبه في مهاترات و عنتريات كاذبة، بعض الحكام العرب أضاع شعبه وراء هذه الأكاذيب و العنتريات. في خلال الخمسين عاما شهد فيها العالم و بلادنا العربية و العالم أحداثا مزلزلة، و تغيرات كارثية، و علت شعوب و أفقرت أمم، و السلطان قابوس يقود شعبه نحو الكرامة و العزة و الكفاية.
ما فعله السلطان قابوس في الخمسين عاما سيكتبه المؤرخون في مجلدات، أما موضعه بين الحكام فسيكون في الطبقة الأولى حكمة و عدلا .
 من عاش مثلنا في هذه المرحلة الزمنية يعلم أي فرص أضعنا بتهورنا و نرجسيتنا الكاذبة، غابت الحكمة فسقطنا في كل ما حفر لنا من بلاعات ، ابتلعت الحرث و النسل، شتتنا في أوطاننا و في كل بقاع الأرض.
الحاكم العربي الوحيد الذي كان يعلم موضع قدمه و هدفه، هو السلطان الحكيم قابوس السعيد.
لم يكن السلطان الراحل يحتاج إلى مجد، فهو سليل المجد، لم يكن يحتاج إلى تاريخ، فهو ابن التاريخ، لم يكن يحتاج الأكاذيب، فالصدق في تاريخه يكفيه و يفيض على غيره.
 كان السلطان قابوس صادقا مع نفسه و مع كل من تعامل معه، غير كرسي الحكم كثير من الحكام العرب إلا السلطان قابوس ، كان مكانه الحقيقي في قلب شعبه، أحبه شعبه بلا نفاق، فأحبوه لأنه أحبهم، أحبوه بقدر ما عاش لهم.
السلطان قابوس ليس حاكما بل رمز كبير لمعاني عظيمة، غابت عنا فلما وجدناه في السلطان قابوس الحكيم علمنا أن الحكمة لم تترك بلانا، و أن المروءة ما زالت بيننا.
رحمك الله بقدر ما رحمت شعبك من أزمات و مظالم ، غفر الله لك بقدر حملت هم أمتك . أعلى الله قدرك في العالمين بقدر ما أعليت العدل و الكرامة في أرض من بلادنا. و عوضنا الله خيرا في سلفك. و عزائي لسلطنة عمان شعبا عظيما كريما لا ينجب إلا العظماء.