الأربعاء 24 أبريل 2024
توقيت مصر 01:53 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

الاقتصاد المصرى يتعافى.. متى يشعر المواطن بالنتائج؟

أرشيفية

مصريون يتساءلون: لماذا لا نلمس تراجعًا فى الأسعار رغم وعود الحكومة؟

الحماقى: انخفاض بطىء.. الدخول ما زالت كما هى.. والمستوى المعيشى للمواطنين متدنٍ

النائب الأول لرئيس البنك الدولى: نمو الاقتصاد وحده لا يكفى.. حتى يشعر المجتمع يجب أن يكون أيضًا نموًا محليًا

مر الاقتصاد المصري بسنوات عصيبة في محاولة استرداد عافيته بعد أن عانى من التدهور الشديد خلال مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير 2011، وهو ما ألقى بظلاله على المواطن المصري، الذي عانى بشدة من تراجع القيمة الشرائية للجنيه، مع ارتفاع التضخم في مصر إلى مستويات غير مسبوقة، متأثرًا بشكل خاص بقرار تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية.

غير أنه في الآونة الأخيرة، بدأ الاقتصاد المصري في التحسن بصورة ملحوظة، بشهادة من مؤسسات دولية، أثنت على برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي بدأته مصر في نوفمبر 2016، إلا أن ذلك لا ينفي أن كثيرًا من المصريين لم يشعروا بهذا التحسن، بعيدًا عن لغة الأرقام الجافة، على أرض الواقع، خاصة أن غالبية السلع والمنتجات ما زالت بنفس أسعارها، باستثناء أسعار اللحوم والدواجن التي تراجعت إلى حد معقول، مع عدم رفع رواتبهم بما يضمن لهم تغطية احتياجاتهم الأساسية.

لماذا لم تنخفض الأسعار؟

عم "محمد"، الأب لأسرة مكونة من 6 أفراد، عانى كغيره بشدة من غلاء الأسعار الذي طال كل شيء، وحتى بعد أن أشارت الأرقام إلى تحسن الاقتصاد المصري، لم ير انعكاسات ذلك في انخفاض مستوى الأسعار، الأمر الذي جعله يتساءل: "إذا كان هناك تحسن ونمو، لِمَ لم تنخفض الأسعار، أم أن هذا التحسن لا علاقة له بذلك؟".

وأضاف معبرًا عن حال قطاع عريض من المصريين الذين ينظرون بعين الشك إلى ما تعلنه الحكومة، قائلاً: "الحكومة كل فترة تؤكد أن الأسعار ستنخفض بشدة وأن المواطنين سيجنون ثمار الإصلاح الذي يتم، لكن لا يحدث ذلك، بل على العكس في أحيان كثيرة ترتفع الأسعار دون مبرر».

لكن "أحمد" شاب يعمل في أحد الأكشاك بمنطقة الهرم الحديث وإن أقر بأن "الأسعار شهدت انخفاضًا خلال الفترة الماضية، لكن بنسبة ضئيلة جدًا، ولم تشمل سوى أصناف قليلة للغاية، وشكاوى الناس من الأسعار تؤكد ذلك".

ولا يتوقف انعكاسات ذلك على المواطنين، بل يتأثر التجار أيضًا، حيث تتراجع حركة الشراء، وتنخفض مكاسبهم، وهو الأمر الذي قال إنه لم يطرأ عليه أي تحسن حتى بعد تصريحات الحكومة حول تراجع الأسعار، إذ أنه توقع أن تنخفض بشكل كبير، لكنه فوجئ عند شرائه لبضاعة خلال الأيام الماضية بأنها ما زالت بنفس أسعارها القديمة، مطالبًا الحكومة بتنفيذ وعودها على أرض الواقع، وليس مجرد إطلاق تصريحات في الهواء.

تراجع بطئ غير ملموس

الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، قالت إنه "بينما تؤكد الحكومة ومؤسسات اقتصادية معروفة تحسن الوضع الاقتصادي في البلاد، لا يلمس المواطن أثر ذلك بوضوح، وبالتالي فإنه لا يصدق ما يقال".

وأضافت لـ"المصريون": "الانخفاض النسبي في الأسعار لا يعنى بالضرورة تحسن الأوضاع، إذ لابد أن ينعكس ذلك على أوضاع المواطنين وأحوالهم، وإلا فإنهم لن يشعروا بأي نمو ملحوظ".

وتابعت: "الأسعار خلال الفترة الماضية ارتفعت بشكل كبير بسبب إجراءات الإصلاح الاقتصادي، التي تطبقها الحكومة، وعندما تنخفض يتم ذلك بصورة بطيئة للغاية، وبنسبة ضعيفة ما يجعل المواطنين لا يشعرون بالتحسن".

وفيما تتساءل الحماقي: "هل المستوى المعيشي للمواطنين شهد أي تحسن في ظل الإعلانات والإشادات المتواصلة؟"، أجابت: "لم يحدث ذلك والدليل حالة الكساد التي شهدتها الأسواق المصرية وردود الفعل بين المواطنين، فهم وحتى يشعروا بتطور الأوضاع، كما تقول الحكومة، لابد أن يلمسوا آثار ذلك في ارتفاع مستواهم المعيشي".

ومع ارتفاع الأسعار الذي جعل كثيرًا من المصريين يشكون من تبعات ذلك، أشارت الحماقي في المقابل إلى أن دخول المواطنين كما هي ولم تزد بالشكل الذي يتناسب مع ارتفاع الأسعار، واستمرار الوضع على ما هو عليه سيجعل المواطن غير مدرك لأي تطور أو إنجاز تحقق.

وبرأي الحماقي، فإن زيادة دخول المواطنين مرتبط بزيادة الإنتاج وارتفاع الاستثمارات، لافتة إلى أنها وقتما كانت عضوًا بمجلس الشورى طالبت بذلك, "فقامت الدنيا ولم تقعد، لكن تبين بعد ذلك صحة وأهمية ما طالبت به".

النمو الاقتصادى وحده لا يكفى

بدوره، برر الدكتور محمود محيي الدين، النائب الأول لرئيس البنك الدولي للتنمية المستدامة والعلاقة مع الأمم المتحدة، عدم شعور المصريين بتحسن الاقتصاد حتى الآن على الرغم من سير برنامج الإصلاح الاقتصادي بشكل جيد، بأن نمو الاقتصاد وحده لا يكفى.

وقال، إن "مصر تسجل معدلات نمو قوية وزيادة في الدخل القومي، لكن لماذا لا يشعر المواطن العادي بهذا التحسن في حياته؟"، مفسرًا بأن النمو وحده لا يكفي، وحتى يشعر به المجتمع فيجب أن يكون أيضًا نموًا محليًا، يتوطين التنمية والعمل على رسم وتخطيط ما يفيد ما تحتاجه كل مدينة وكل قرية على حدة، وهذا مرتبط بالتمويل العام والخاص والمشاركة فيه وإتاحة فرص العمل، ويكون لكل محافظة ما يكفى أهلها إلا إن أرادوا التنوع.

وأوضح أن "المؤشرات التي حققها الاقتصاد في الفترة الأخيرة التي يعرفها الجميع وهى زيادة النمو عن متوسطات 5% بمقياس زيادة الدخل القومي، تعد مؤشرات لا بأس بها، وهى أعلى من متوسطات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تقل عن ذلك بنحو 2%".

وقال الدكتور عمرو الجوهري، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن الوضع الاقتصادى فى مصر له ظروف خاصة وتداعيات مختلفة عن العالم الخارجي، حيث إن ارتفاع أسعار بعض السلع لا يقتصر فقط على زيادة سعر الدولار أمام الجنيه المصري، بل قد تكون هناك ممارسات احتكارية قد تؤثر على الأسواق والمنتجات، وخاصة أسعار مواد البناء.

وأضاف، أن هناك تحسنًا طفيفًا فى أسعار السلع والمنتجات، لكن انخفاض الأسعار بهذا الشكل الطفيف لم يلمسه المواطنون، معقبًا: "المنتجات والسلع لما كانت بتزيد كانت بترتفع بدرجة كبيرة، بس الانخفاض بيكون تدريجى وبقيمة طفيفة".

وإلى أنه رغم انخفاض التضخم فى مصر، فإن المواطنين لم يشعروا بالتحسن فى الأسعار بشكل قوي، لافتًا إلى أن "«مواد البناء انخفضت أسعارها بشكل جيد، نتيجة تحفيز الصناعات المصرية، وانخفاض الفائدة البنكية على المؤسسات والمصانع وتحسن الجنيه المصرى أمام الدولار".

إشادات ومؤشرات

كانت الفترة الماضية شهدت إشادات عديدة من مؤسسات دولية متخصصة بالاقتصاد المصرى، كما تم الإعلان عن عدد من المؤشرات التى تؤكد تحسنه، وأنه يحقق نتائج إيجابية مسبوقة.

وآخرها إعلان وكالة "بلومبرج" الأمريكية أن معدل التضخم فى مصر تراجع إلى أدنى مستوى له فى أكثر من تسع سنوات، قائلة إن هذا الانخفاض يعكس التراجع الحاد فى أسعار المواد الغذائية والمشروبات، التى تشكل أكبر عنصر فى مؤشر أسعار المستهلك.

فيما توقع البنك الدولي مؤخرًا، نمو اقتصاد مصر 5.8% فى السنة المالية الحالية، بانخفاض طفيف عن هدف الحكومة البالغ 5.9%، لكن بما يتوافق مع توقع البنك قبل 6 أشهر.

وفى مطلع العام الجاري، رجح بنك ستاندرد تشارترد البريطانى أن تحل مصر ضمن الاقتصادات السبعة الكبرى فى العالم بحلول عام 2030، وذلك بناءً على توقعات طويلة الأجل أصدرها البنك.

بينما  رفعت مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني، تصنيف مصر من B3 إلى B2 مع الإبقاء على نظرة مستقبلية مستقرة، وهو ما وصفته مصر بأنه شهادة جديدة من كبرى مؤسسات التصنيف العالمية لنجاح الإصلاحات الحكومية والتزام الدولة بتنفيذ برنامجها الشامل للإصلاح الاقتصادى والمالي.

كذلك توقع البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية نمو الاقتصاد المصرى بنسبة 5.9 بالمائة فى العام المالى 2019-2020، مقارنة بنسبة 5.6 فى المائة العام السابق.

ومن ناحية المؤشرات، تقدمت مصر 11 مركزًا بمؤشر الابتكار العالمى لعام 2018 لتصل إلى المرتبة الـ95، مقارنة مع المركز الـ105 العام الماضي.

أيضًا، كشف تقرير منتدى الاقتصاد العالمى عن حصول مصر على المركز الـ94 من بين 140 دولة فى مؤشر التنافسية العالمية لعام 2018، بعد أن سجلت 53.6 درجة على المؤشر بزيادة 0.4 درجة فقط عن العام الماضى.