السبت 20 أبريل 2024
توقيت مصر 02:44 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

((باب المحبة الطويل))

راحت على الشمس نومة والبلد فى ظلام قالها بيرم التونسى منذ عشرات الأعوام وأتذكرها الآن فى كنيستنا الأرثوذكسية وأحوالها، خاصة لأن الكتاب المقدس يصف السيد المسيح بأنه شمس البر والشمس لا تغيب إلا عندما يتقوقع الإنسان بعيدًا عنها ولا يرفع عينه لرؤيتها، بل يتفنن فى حجب الشمس والكارثة إن كان هذا الإنسان مسئولاً كبيرًا أو طويل الباع واليد واللسان أو خاطئًا متمسكًا بخطاياه..
 وهكذا نجد الظاهرة الغريبة المنتشرة هذه الأيام وهى وجود باب المحبة الطويل والذى يتسم صنعه وكينونته بالغباء المطلق والمنظرة الكاذبة والهبل والعبط المقدس لماذا؟؟ لأن باب المحبة الطويل يخالف المنطق والعقل والدين والعرف والتقليد فلقد درسنا بحكم مهنة الهندسة -سابقًا- وجود مواصفات قياسية للباب والشباك ولا يجوز المساس بها فيجب أن يتناسب الباب طولاً وعرضًا حتى يصبح مريحًا ومفيدًا لمستعمله واشترطت القياسات الهندسية ارتفاع الباب 2.20 سم ((غير السم الهارى الذى نأكله ونشربه يوميًا فى طعامنا)) وبالطبع يجوز فى المعابد والمبانى الشاهقة ارتفاع الباب طولاً وليس عرضًا وهذا بيت القصيد الخاص بالكنيسة، حيث يخالف باب المحبة جميع القوانين الهندسية فنجد باب المحبة بالكنيسة طويلا جدًا جدًا ومرتفعًا لعشرات الأمتار، ولكن عرض الباب صغير جدا جدا لا يتجاوز ملليمترات، والهدف والمعنى لا يحتاج إلى تعليق، فالباب الضيق مصنوع خصيصا فى هذا الزمن حتى لا يدخله أحد إطلاقا، ولذلك فالحارس - بل حراس الكنيسة والعقيدة بكل حب ومودة وحنان ولطف على رأى ناظر مدرسة المشاغبين- الكل فى انتظارك بابتسامة وديعة ويدعونك للدخول من باب إلى باب المحبة الذى هو أضيق للغاية من قدرتك على الدخول إليه فنجد الرؤساء فى استمتاع كامل بكماليات الحياة التى يفترض أنهم ماتوا عنها (بل يصلى عليهم بالفعل صلاة الموتى عند اختيار المسيحى للرهبنة).
 لكننا نجده يحيا فى مقر إقامة فخم به جميع الأجهزة الكهربائية الحديثة وسيارات فارهة ومصفحة وعلاج بالخارج والسفر بأفخم الدرجات بالطائرات وهذه حقائق لن يجرؤ أى مسئول - طويلاً كان أو قصيرًا- أن يكذبها وخارج الباب الطويل يقف ملايين من الفقراء والشباب والمرضى وذوى الاحتياجات الخاصة فى جميع كنائسنا رافعين الأيادى غير الناعمة والممتدة بخوف ومسكنة ووجل للمسئولين ذوى الأيادى الناعمة الممسكة بالعصا الغليظة والمسماة عصا الرعاية ثمنها الباهظ هى الأخرى يوضح التناقض الصارخ بين صانعى باب المحبة الطويل والمساكين بالجهة الأخرى. 
والعجيب والغريب هو ترك الفقراء وأصحاب بطالة الشباب خارج الباب مع إلقاء العظات الثمينة المؤثرة عن السيد المسيح والفقر الاختيارى الذى كان يغلف حياته فلم يكن له مسكن أو شقة يسكن فيها، فلماذا يتذمر الشعب المسيحى لأزمة الإسكان؟!! ومثلها الفقر المادى فلم تكن للسيد أموال لدى الصيارفة أو حتى وسائل للمواصلات فى زمانه وهكذا يا إخوتى هذا هو حال كنيستنا الآن والويل كل الويل لمن يوجه الانتقاد أو يعلن اعتراضه على الملأ فيتم طرده من الكنيسة وإيقافه عن الخدمة بها وقطع راتبه وتركه بلا بطاقة شخصية تثبت هويته والغريب جدًا أن بابا الكنيسة يهاجم من يعترض أو ينتقد الكنيسة علانية فى عظته الأسبوعية العلانية ويعلن عصمة المجمع المقدس وديكتاتوريته فى اتخاذ القرارات لأنه حارس العقيدة مع أن السيد المسيح كان يسمح للجميع بانتقاده حتى المرأة الكنعانية غير اليهودية ذاك الحين انتقدته علنًا أمام تلاميذه والشعب فأيدها فى حديثها وقام بتلبية رغبتها ولم يوبخها!! 
صباح المحبة لباب المحبة وحبة حبة يا حبيبي.

 تحياتى
القس مكاريوس فهيم قلينى
عضو دائم باتحاد الكتاب