الجمعة 29 مارس 2024
توقيت مصر 07:20 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

صور من تكافل المصريين بالخارج

محمد الخضيري
على صفحة "المصريين في مملكة البحرين" والتي يديرها شباب مصري مبادر، "عمر" و"سارة" يقومان بخدمة المصريين عبر تقديم رسائلهم وعروض التطوع والوظائف المتاحة لخدمة غير القادرين، وتبدو في واجهة الصفحة رسالة ثابتة وصياغة عفوية عن "تبرع رجل أعمال مصري بــ 70 وجبة " للشباب المتعفف ممن توقفت أعمالهم اليومية، وطبيب يتبرع بـ "60 وجبة" وطلب بضرورة الحضور للحصول على وجبتك دون مقابل (غير أنه فوجىء بتطوع ثلة من الشباب المصري والبحريني) للتوصيل مجاناً في أي محافظة ، وفي اليوم الثاني أعلن أحد المحلات عن توفير العشرات من "صناديق الطعام" لغير القادرين والتي أصبحت تزيد بشكل يومي بغرض دعم الأسر المتعففة وغير القادرين في ظل الغلق وتوقف بعض المؤسسات.
اضطرني حب الإستطلاع للدخول على صفحات الجاليات الأخرى، ولكني لم أجد رسائل شبيهة بتلك المبادرة الرائعة التي تكشف تميز "المصريون" عن غيرهم، رغم أن التوقف يشمل جميع الجنسيات وفي كل البلدان كذلك، ولكن يظل الخير يضرب بجذوره في عمق الشخصية المصرية، وقد كانت البداية قبل شهر عبر رسالة من (أبو أحمد) لتوصيل المرضى غير القادرين لأي مستشفى بمملكة البحرين وإعادتهم مرة أخرى دون مقابل، ورسالة أخرى من (أبو أحمد) يطلب فيها خدمة غير القادرين في "العزل المنزلي" بتوصيل حاجاتهم المنزلية دون مقابل، ثم انطلقت بعد ذلك المنافسات في الخير بين المصريين دون تمييز.
إن المحرك الأساسي لمثل هذه الجهود هو "اليقظة الروحية " لدى الشعب المصري وخصوصاً في الأوقات الحرجة والتي تحتاج إلى (أهل الخير- أصحاب الصفحات المبادرة أمثال عمــر وســـارة) أكثر من حاجتها إلى أصحاب الكلمات الرنانة والعبارات الطنانة، في هذه الأوقات الحرجة يظهر الخير الكامن في النفوس وتبدو هذه التصرفات العفوية قوية وشديدة في مواجهة التلون المجتمعي لأصحاب المصالح والراغبين في كسب مساحات عبر الأعمال الخيرية والتي يريدون من خلالها تحصيل منافع دنيوية، وتتكشف تلك الخطط أمام التدفق التلقائي لأفعال الخير بشكل عفوي وتتجلى منه الفطرة النقية للإنسان المصري.
وفي مقابل هذه الحركة العفوية التطوعية تظهر أناقة العرض والأسلوب على هذه الصفحة وغيرها من "صفحات المصريين في مملكة البحرين" دون ذكر أسماء "المتعففين" أو صناعة دعاية "للمتبرعين"، فعلى سبيل المثال تجد أسماء الوسطاء من المحلات والمطاعم (العمدة، وصايا، مطعم سي السيد، مطعم السمكة الماسية، وغيرهم الكثير)، فضلاً عن أطباء مجهولين ورجال أعمال لا يتوقف دعمهم المتواصل بأفضل طريقة لإنكار الذات بجانب متبرعين من شعب البحرين الكريم وهم بلا شك يفعلون الخير دون ضجيج.
بجانب كل ذلك، تهتم السفارة المصرية باقتراحات ورسائل المصريين بشكل تلقائي، وقد تتلقى رد في ظرف 24 ساعة فقط على اقتراح أو اتصال تليفوني للتوضيح أو السؤال، فضلاً عن اجراءات تحفيزية للقادرين لخدمة إخوانهم وأخواتهم، مما دفعني لإرسال طلب للسفارة بفتح صندوق للتبرعات يساهم فيه الجميع بمبلغ رمزي بصفة شهرية خلال هذه الفترة الإستثنائية، وتلقيت الرد من السفارة بسرعة واهتمام، ففي هذه الأزمة جاء زحف "العدو" ليكشف لنا جوانب خفية من الخير تزيد شعورك بالثقة بأن العمل التطوعي أفضل من الصوت العالي والمظاهر الزائفة، وبأن إثبات الذات لابد وأن يأتي عبر خدمة الآخرين والسعي في حاجاتهم، وبأنه لا يوجد إخفاقات ما دامت النفس حية ومتقدة بحب الخير للناس دون تمييز.