السبت 20 أبريل 2024
توقيت مصر 05:03 ص
المصريون
رئيس مجلس الإدارة و رئيس التحرير

جمال سلطان

في الصحافة والحياة

البرنس ومعارك أخرى

لم استغرب اهتمام المهندس نجيب ساويرس أحد أشهر رجال الأعمال المصريين بمفاجآت وخفايا معركة رضوان البرنس مع إخوانه الذين غدروا به وسجنوه بعد قتلهم لزوجته وطفله، ثم رموا طفلته في الشارع أثناء عودتهم من زيارته في سجن طرة رغم تنازله لهم عن البيت وحتى عن نصيبه من الميراث.
رغم أنه مسلسل تليفزيوني وقصة خيالية فقد شد ساويرس، فراح يسأل متابعيه على تويتر عن كيفية معرفة سائق الميكروباص الذي عثر على الطفلة، لاسم والدها والمنطقة التي كان يقطنها قبل حبسه.
عشرات المتابعين أجابوه. بعضهم سخر منه لأنه لم يركز في الحلقة ففاته أن البنت هي التي أخبرت أسرة السائق باسم والدها، وأن بخل العم نجيب جعله لا يشترك في تطبيق Wach it ليشاهد المسلسل دون إعلانات فيركز أكثر. بعضهم قال له: بسيطة .. اطلب محمد رمضان  أو روجينا أو زوجها أشرف زكي وأسألهم!
ليس جديدا أن يهتم المصريون وربما معهم بعض العرب بمعركة مسلسل في وجود معركة كورونا التي تقتل وتصيب المئات كل يوم.
عقب هزيمة 67 كانت مرارة الهزيمة تطفح على الوجوه، وكان موت المشير عبدالحكيم عامر لغزا كبيرا ولا يزال، ومع ذلك كانت أذان المصريون مشدودة للراديو بعد إفطار المغرب ليتابعوا مغامرات شنبو في المصيدة مع فؤاد المهندس وشويكار عندما كان الاثنان أشهر ثنائي كوميدي، وكانت شويكار تصل كل يوم لعقدة الحلقة عندما تصيح بصوتها الرقيق: أنت اللي قتلت بابايا!
وكل نهار وليل يتساءل الناس عمن قتل باباها، وليس عمن هزم مصر، وهل المشير عامر انتحر أو نحر، وكيف ستقوم مصر من رقدتها؟!
وقبل أن يموت فؤاد المهندس تحدث عن سر هذا المسلسل، وكيف أن الغرض منه تسرية الشعب وعلاج ما اعتراه من كآبة بسبب الهزيمة، وأن الذي فكر في عمل كوميدي يضحك الناس وقتها هو الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وأختير الكاتب الساخر الشهير أحمد رجب ليكتب قصته، وعندما فوجئوا بأن الفلوس المخصصة للمسلسل انتهت قبل أغنية التتر ، وقع الاختيار على لحن أغنية وطنية شهيرة كان يغنيها عبدالحليم حافظ في ذلك الوقت، ليغني عليه فؤاد المهندس وشويكار كلمات شنبو يا شنبو، وتطوع صاحب اللحن الأصلي كمال الطويل وحليم لانجاح ذلك.
الدراما التليفزيونية والسينمائية ليست شيئا تافها وقت الأزمات والمعارك، إنها تجذب الناس إلى خارج الصندوق كما يقال، تنسيهم رائحة الموت الذي ربما يكون على عتبة الدار، تدفعهم للتفكير في موت خيالي وكراهية لأفعال عدو وهمي كالتي يقوم بها الشرير فتحي الذي لعبه ببراعة شديدة أحمد زاهر، أو المرأة القاسية عبير التي أدتها رحاب الجمل.
هل يوجد هذا الشر فعلا في الواقع؟!.. هل يوجد أشباه فتحي وياسر وعبير وفدوة؟!
كلنا نعرف قصة الأشقاء مع يوسف عليه السلام. الشر مثل فيروسات الموت بدأ مع بدء الخليقة ومعاركه مستمرة إلى قيام الساعة. نتعايش معه، يموت البعض وينجو البعض ويختفي آخرون، وهكذا سيتعايش الناس مع كورونا وأخباره السيئة اليومية التي تشهد ارتفاعا متصاعدا رغم أن الفحص قليل، تجاوز مائة ألف.
معركة أطباء التكليف السبعة آلاف أهم بكثير جدا من معركة البرنس الوهمية ورغم ذلك لا تجد الضجيج نفسه. وزيرة الصحة تريد تعيينهم على نظام جديد يرفضونه لأنه سيعوقهم عن التدريب الجيد، وسيفرغ الوحدات الصحية من الكوادر الطبية. الوزيرة تصر على موقفها  ولا تعدم التفكير في حل بديل مثل تعويضهم بالصيادلة.
في وقت نحتاج فيه للأطباء الذين نخسر بعضهم في معارك كورونا اليومية، لا نجد اهتماما بحل هذه المشكلة ومشاكل أخرى تعترضهم، حتى أن أحدهم اشتكى من أنه لم يجد واسطة يدخل بها مستشفى العزل بعد إصابته.
هاشتاج عن الأطباء وهم أرفع ثرواتنا العلمية والصحية، لم يجد ولو نصف التفاعل الذي تحقق مع هاشتاج رضوان البرنس.